هيفاء زنكنة - ٨ آب ٢٠٠٨
الأخبار (http://www.al-akhbar.com/
وصفت أجهزة الإعلام العربية والأجنبية التفجيرات المريعة التي وقعت في بغداد يوم 28 آب / أغسطس، وقتل فيها العديد من المشاركين في الاحتفال بذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم، بأنها «ثلاثة تفجيرات نفذتها ثلاث انتحاريات فجرن أنفسهن وسط حشود»، حسب جريدة «الصباح» الرسمية و«ثلاثة تفجيرات نفذتها مهاجمات انتحاريات»، حسب جريدة «الزمان»، وثلاث هجمات انتحارية حسب إذاعة بي بي سي البريطانية، و«ثلاثة تفجيرات نفذتها مهاجمات انتحاريات»، حسب فضائية «العربية».
وقد يبدو للوهلة الأولى أن إجماع أجهزة الإعلام على نقل الخبر يؤكد صحة الواقعة، لكنّ تفحص المصادر وطبيعة العمل الإعلامي وكيفية نقله لما يجري في العراق المحتل، يثبت عكس ذلك تماماً. وكان أكثرها وضوحاً الأكاذيب الصارخة التي روّجت بشأن قيام نساء بتفجيرات سوق الغزل وديالى في العام الحالي.
ولنبدأ بالتساؤل عن مصادر أخبار التفجيرات التي يعزى بعضها إلى «الانتحاريات»، وخاصة في غياب وجود شهود عيان وانعدام إجراء تحقيق في الحوادث وجاهزية إلقاء المسؤولية بلا تمحيص.
هناك مصدران رئيسيان يُستند إليهما. الأول هو الناطق باسم قوات الاحتلال، والثاني هو مصدر من الشرطة العراقية. والاثنان لا يعوّل على مصداقيتهما لأسباب عديدة. فتصريحات قوات الاحتلال هي جزء لا يتجزأ من العمليات العسكرية المتداخلة مع المهمات الاستخباراتية والإعلامية، أو ما يطلق عليه في كتيّبات الإرشاد الميداني للجيش الأميركي اسم «عملية المعلومات ضمن حملة مكافحة التمرّد في البلد المضيف». وغالباً ما يغيّر الناطق الرسمي مسؤولية التفجيرات حسب مصالح الاحتلال، متهماً من تراه القوات العدوّ المرحلي، لتستفيد من اتهامه ضمن سياق عملياتها العسكرية المستهدفة إحكام السيطرة على العراق وتمرير مخططات الإدارة الأميركية في الهيمنة الاقتصادية. فقد وُجّه الاتهام، في العامين الأوليين من الاحتلال، بشأن التفجيرات في الأسواق والأماكن المزدحمة إلى «الإرهابيين الصداميين وفلول البعث»، وتغيّرت الصورة عندما نشطت المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، ونشأت الحاجة الماسّة إلى تفرقة صفوف أبناء الشعب، فبات المتّهم الذي يقدمه الناطق العسكري الأميركي على صحن ذهبي إلى أجهزة الإعلام إمّا «سنياً في منطقة يقطنها الشيعة»، أو «شيعياً في منطقة يقطنها السنّة»، فضلاً عن تهمة «إرهابيي القاعدة والمقاتلين الأجانب» الجاهزة أبداً.
ويمثّل توجيه التهمة إلى «الانتحاريات» آخر صرعة تلقفتها أجهزة الإعلام لتضخّّها بالحياة وتضخّمها.
أمّا مصداقية الشرطة العراقية كمصدر للأخبار فمثيرة للضحك المبكي في تضاربها وتناقضها. إذ غالباً ما يكون المصدر محكوماً بإصدار التصريح بعد صدور التصريح العسكري الأميركي.
والملاحظ من خلال متابعة نقل أخبار التفجيرات والكشف عن هوية مرتكبيها، أن أجهزة الإعلام، حتى العريقة منها، نادراً ما تورد تقارير مكتوبة من مراسليها وبعد إجراء التحقيق المتبع عادة للتأكد من مصداقية الخبر وصحّته. بل هي تعتمد على تصريحات القيادة العسكرية الأميركية وتابعها العراقي، فضلاً عن استنساخها الخبر من الوكالات المستندة أساساً إلى الاحتلال والشرطة العراقية.
وهنا يُطرَح السؤال: ما هو سبب التفجيرات، حسب المصادر، ومن هم مرتكبوها؟ إنّ العراقيّين مقتنعون أكثر من أي وقت مضى بأنّ الاحتلال يستهدف أي مكان لوجودهم سوية، إذ يراه مجالاً لتفاعل الناس الطبيعي، وللوحدة الشعبية، وغطاءً لتحركات المقاومة العراقية، وتنسيقاً لجهود التكافل الاجتماعي كجمع التبرعات لعوائل الشهداء وتوزيعها بوجود شهود.
فالأسواق ليس فيها طائفية أو عرقية أو مناطقية، وهي البوتقة التي تنصهر فيها المكوّنات والثقافات وتنبثق منها الخيارات الوطنية. ويسري الشيء نفسه على الاحتفالات الدينية. وهذا هو المفتاح لمعرفة من المستفيد من تفجير الأسواق والاحتفالات، ومن يسعى عبر مرتزقته وأمواله لإجبار العراقيين على الانزواء خلف جدران المحلة والطائفة والإثنية عبر تفجيرهم أولاً، ثم إلقاء المسؤولية عليهم ثانياً.
ومن الضروري التذكير بدءاً، بأن قوات الاحتلال غالباً ما تهيّئ الأجواء والأذهان إعلامياً قبل حدوث مثل هذه العمليات. فقبل أيام من عملية الكاظمية مثلاً، حذر «قادة الجيش الأميركي من أنه على الرغم من تحسن الوضع الأمني، إلا أن منفذي الهجمات الانتحارية بسترات ناسفة ما زال بمقدورهم التسلل بين الحشود في الأماكن المكتظة بالناس. ونفذت النساء أكثر من 20 هجوماً انتحارياً في العام الحالي» حسب قناة «العربية».
وبعد تهيئة الأذهان لقبول حتمية الانفجارات، ليتقبل الناس وجود قوات الاحتلال كضرورة لتوفير الأمن وحماية الناس من «العمليات الانتحارية»، يشير إصبع الاتهام إلى الجهة المسؤولة وهي الانتحاريات المرتبطات بـ«القاعدة»، حيث تخبرنا صحيفة «الحياة»: «يحذر سياسيون من إسهام هذا التكتيك النسائي الفتاك في عودة نشاطات تنظيم القاعدة الهادفة لإحياء النعرات الطائفية».
أمّا عن هوية مرتكبي التفجيرات، فتخبرنا «العربية» في تقرير لها، حرصت فيه أشدّ الحرص على التصنيف الطائفي لكل مواطن عراقي وكل مناسبة وكل شارع وشجرة، بأن «الهجمات ضد الزوار الشيعة تحمل علامات تنظيم القاعدة السنّي».
ويبدو أنّ تحميل «القاعدة» مسؤولية تدريب الانتحاريات ليس كافياً بالنسبة إلى كلمة التحرير في صحيفة «الصباح»، فقدمت إلينا مرتكبي التفجيرات كخلطة من «ديدن بقايا نظام صدام وبرامجهم الانتقامية التي تلتقي مع شذاذ الأرض من الإرهابيين القتلة... عصابات أعداء الديموقراطية والكارهين لاستقرار الأمن ونجاح العملية السياسية».
ويبقى السؤال المهم: لماذا النساء؟ إن التبرير الذي قدمته شعبة الدعاية والإعلام في جيش الاحتلال، وتلقفته أجهزة الإعلام بلا تمحيص، وبُنيَ عليه تكوين صورة نمطية مستنسخة هو «أن تنظيم القاعدة يستخدم بشكل متزايد النساء في شن هجمات، إذ يمكنهن إخفاء المتفجرات تحت ملابسهن السوداء الفضفاضة دون أن يخضعن لتفتيش من حراس الأمن الرجال». هذا التبرير هو جزء من حملة التضليل الإعلامي لتشويه صورة المقاومة العراقية والنساء اللواتي يمثّلن الحاضنة الاجتماعية لها لأسباب عديدة: أولها لأن من المعروف أن المقاومة العراقية تحمي النساء والأطفال، فصار ضرورياً اتهامها بأنها «عصابة مجرمين جبناء غير قادرين على القتال فيستغلون ضعف النساء»، بحسب تصريح الناطق العسكري الأميركي، وأنها تستخدم النساء في أعمال إرهابية وتحميلهن مسؤولية التفجيرات في الأماكن المزدحمة وقتل الأبرياء من النساء والأطفال. ثم لتحويل الأنظار عن المستفيد الأول من التفجيرات، وهو المحتل ومرتزقته وشركات حمايته الخاصة، ونفي المسؤولية عن حكومة الميليشيات وتبرير عدم حمايتها المواطنين أو القيام بأي تحقيق يؤدي إلى كشف الحقيقة وإعلانها. فالتفجير الانتحاري هو الفعل الملائم لحكومة المنطقة الخضراء لتحتمي وراءه من المساءلة والعقاب. كما أنه الفعل الملائم لتحويل الأنظار عما ترتكبه قوات الاحتلال وحكومة الميليشيات من جرائم ضد المرأة العراقية، وخاصة اعتقال النساء واحتجازهن رهائن لحين تسليم الأقارب من الذكور أنفسهم، وذلك حسب تقارير المنظمات العالمية مثل منظمة العفو الدولية. فصار مبرراً الآن اعتقال النساء ومداهمة البيوت بعد منتصف الليل، وقصف البيوت وقتل من فيها من نساء، لأنهن «انتحاريات يستهدفن الأبرياء».
وتجدر الإشارة إلى أن ما يزيد على نصف التفجيرات التي أعلن عن تنفيذها من جانب انتحاريات قد تم التراجع عنها بعد مرور فترة قصيرة، وبعد أن رسخت أجهزة الإعلام فكرة الانتحاريات في أذهان الناس. إذ قال رئيس مجلس محافظة ديالى إن التفجير الذي وقع وسط سوق شعبية في مدينة بعقوبة، يوم 7 تموز هذا العام، نجم عن عبوة ناسفة زرعها مجهولون، وليس جراء تفجير امرأة نفسها بحزام ناسف، كما تردد من قبل.
وقد توصل الصحافي العراقي وليد الزبيدي في تحليله للأخبار المتعلقة بالأعمال الانتحارية، إلى خلاصة أوافقه عليها وهي: «إن القراءة المهنية والموضوعية لجميع التفجيرات الغامضة التي استهدفت الأبرياء، تؤكد أن هناك تعمداً وقصدية لقتل هؤلاء، وبدون أدنى شك أن قوات الاحتلال ومن يعمل في خدمتها ويسعى لتنفيذ مشروعها، هم الذين يقفون وراء قتل هؤلاء العراقيين، وبهذه الطرق الإجرامية».
*
وقد يبدو للوهلة الأولى أن إجماع أجهزة الإعلام على نقل الخبر يؤكد صحة الواقعة، لكنّ تفحص المصادر وطبيعة العمل الإعلامي وكيفية نقله لما يجري في العراق المحتل، يثبت عكس ذلك تماماً. وكان أكثرها وضوحاً الأكاذيب الصارخة التي روّجت بشأن قيام نساء بتفجيرات سوق الغزل وديالى في العام الحالي.
ولنبدأ بالتساؤل عن مصادر أخبار التفجيرات التي يعزى بعضها إلى «الانتحاريات»، وخاصة في غياب وجود شهود عيان وانعدام إجراء تحقيق في الحوادث وجاهزية إلقاء المسؤولية بلا تمحيص.
هناك مصدران رئيسيان يُستند إليهما. الأول هو الناطق باسم قوات الاحتلال، والثاني هو مصدر من الشرطة العراقية. والاثنان لا يعوّل على مصداقيتهما لأسباب عديدة. فتصريحات قوات الاحتلال هي جزء لا يتجزأ من العمليات العسكرية المتداخلة مع المهمات الاستخباراتية والإعلامية، أو ما يطلق عليه في كتيّبات الإرشاد الميداني للجيش الأميركي اسم «عملية المعلومات ضمن حملة مكافحة التمرّد في البلد المضيف». وغالباً ما يغيّر الناطق الرسمي مسؤولية التفجيرات حسب مصالح الاحتلال، متهماً من تراه القوات العدوّ المرحلي، لتستفيد من اتهامه ضمن سياق عملياتها العسكرية المستهدفة إحكام السيطرة على العراق وتمرير مخططات الإدارة الأميركية في الهيمنة الاقتصادية. فقد وُجّه الاتهام، في العامين الأوليين من الاحتلال، بشأن التفجيرات في الأسواق والأماكن المزدحمة إلى «الإرهابيين الصداميين وفلول البعث»، وتغيّرت الصورة عندما نشطت المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، ونشأت الحاجة الماسّة إلى تفرقة صفوف أبناء الشعب، فبات المتّهم الذي يقدمه الناطق العسكري الأميركي على صحن ذهبي إلى أجهزة الإعلام إمّا «سنياً في منطقة يقطنها الشيعة»، أو «شيعياً في منطقة يقطنها السنّة»، فضلاً عن تهمة «إرهابيي القاعدة والمقاتلين الأجانب» الجاهزة أبداً.
ويمثّل توجيه التهمة إلى «الانتحاريات» آخر صرعة تلقفتها أجهزة الإعلام لتضخّّها بالحياة وتضخّمها.
أمّا مصداقية الشرطة العراقية كمصدر للأخبار فمثيرة للضحك المبكي في تضاربها وتناقضها. إذ غالباً ما يكون المصدر محكوماً بإصدار التصريح بعد صدور التصريح العسكري الأميركي.
والملاحظ من خلال متابعة نقل أخبار التفجيرات والكشف عن هوية مرتكبيها، أن أجهزة الإعلام، حتى العريقة منها، نادراً ما تورد تقارير مكتوبة من مراسليها وبعد إجراء التحقيق المتبع عادة للتأكد من مصداقية الخبر وصحّته. بل هي تعتمد على تصريحات القيادة العسكرية الأميركية وتابعها العراقي، فضلاً عن استنساخها الخبر من الوكالات المستندة أساساً إلى الاحتلال والشرطة العراقية.
وهنا يُطرَح السؤال: ما هو سبب التفجيرات، حسب المصادر، ومن هم مرتكبوها؟ إنّ العراقيّين مقتنعون أكثر من أي وقت مضى بأنّ الاحتلال يستهدف أي مكان لوجودهم سوية، إذ يراه مجالاً لتفاعل الناس الطبيعي، وللوحدة الشعبية، وغطاءً لتحركات المقاومة العراقية، وتنسيقاً لجهود التكافل الاجتماعي كجمع التبرعات لعوائل الشهداء وتوزيعها بوجود شهود.
فالأسواق ليس فيها طائفية أو عرقية أو مناطقية، وهي البوتقة التي تنصهر فيها المكوّنات والثقافات وتنبثق منها الخيارات الوطنية. ويسري الشيء نفسه على الاحتفالات الدينية. وهذا هو المفتاح لمعرفة من المستفيد من تفجير الأسواق والاحتفالات، ومن يسعى عبر مرتزقته وأمواله لإجبار العراقيين على الانزواء خلف جدران المحلة والطائفة والإثنية عبر تفجيرهم أولاً، ثم إلقاء المسؤولية عليهم ثانياً.
ومن الضروري التذكير بدءاً، بأن قوات الاحتلال غالباً ما تهيّئ الأجواء والأذهان إعلامياً قبل حدوث مثل هذه العمليات. فقبل أيام من عملية الكاظمية مثلاً، حذر «قادة الجيش الأميركي من أنه على الرغم من تحسن الوضع الأمني، إلا أن منفذي الهجمات الانتحارية بسترات ناسفة ما زال بمقدورهم التسلل بين الحشود في الأماكن المكتظة بالناس. ونفذت النساء أكثر من 20 هجوماً انتحارياً في العام الحالي» حسب قناة «العربية».
وبعد تهيئة الأذهان لقبول حتمية الانفجارات، ليتقبل الناس وجود قوات الاحتلال كضرورة لتوفير الأمن وحماية الناس من «العمليات الانتحارية»، يشير إصبع الاتهام إلى الجهة المسؤولة وهي الانتحاريات المرتبطات بـ«القاعدة»، حيث تخبرنا صحيفة «الحياة»: «يحذر سياسيون من إسهام هذا التكتيك النسائي الفتاك في عودة نشاطات تنظيم القاعدة الهادفة لإحياء النعرات الطائفية».
أمّا عن هوية مرتكبي التفجيرات، فتخبرنا «العربية» في تقرير لها، حرصت فيه أشدّ الحرص على التصنيف الطائفي لكل مواطن عراقي وكل مناسبة وكل شارع وشجرة، بأن «الهجمات ضد الزوار الشيعة تحمل علامات تنظيم القاعدة السنّي».
ويبدو أنّ تحميل «القاعدة» مسؤولية تدريب الانتحاريات ليس كافياً بالنسبة إلى كلمة التحرير في صحيفة «الصباح»، فقدمت إلينا مرتكبي التفجيرات كخلطة من «ديدن بقايا نظام صدام وبرامجهم الانتقامية التي تلتقي مع شذاذ الأرض من الإرهابيين القتلة... عصابات أعداء الديموقراطية والكارهين لاستقرار الأمن ونجاح العملية السياسية».
ويبقى السؤال المهم: لماذا النساء؟ إن التبرير الذي قدمته شعبة الدعاية والإعلام في جيش الاحتلال، وتلقفته أجهزة الإعلام بلا تمحيص، وبُنيَ عليه تكوين صورة نمطية مستنسخة هو «أن تنظيم القاعدة يستخدم بشكل متزايد النساء في شن هجمات، إذ يمكنهن إخفاء المتفجرات تحت ملابسهن السوداء الفضفاضة دون أن يخضعن لتفتيش من حراس الأمن الرجال». هذا التبرير هو جزء من حملة التضليل الإعلامي لتشويه صورة المقاومة العراقية والنساء اللواتي يمثّلن الحاضنة الاجتماعية لها لأسباب عديدة: أولها لأن من المعروف أن المقاومة العراقية تحمي النساء والأطفال، فصار ضرورياً اتهامها بأنها «عصابة مجرمين جبناء غير قادرين على القتال فيستغلون ضعف النساء»، بحسب تصريح الناطق العسكري الأميركي، وأنها تستخدم النساء في أعمال إرهابية وتحميلهن مسؤولية التفجيرات في الأماكن المزدحمة وقتل الأبرياء من النساء والأطفال. ثم لتحويل الأنظار عن المستفيد الأول من التفجيرات، وهو المحتل ومرتزقته وشركات حمايته الخاصة، ونفي المسؤولية عن حكومة الميليشيات وتبرير عدم حمايتها المواطنين أو القيام بأي تحقيق يؤدي إلى كشف الحقيقة وإعلانها. فالتفجير الانتحاري هو الفعل الملائم لحكومة المنطقة الخضراء لتحتمي وراءه من المساءلة والعقاب. كما أنه الفعل الملائم لتحويل الأنظار عما ترتكبه قوات الاحتلال وحكومة الميليشيات من جرائم ضد المرأة العراقية، وخاصة اعتقال النساء واحتجازهن رهائن لحين تسليم الأقارب من الذكور أنفسهم، وذلك حسب تقارير المنظمات العالمية مثل منظمة العفو الدولية. فصار مبرراً الآن اعتقال النساء ومداهمة البيوت بعد منتصف الليل، وقصف البيوت وقتل من فيها من نساء، لأنهن «انتحاريات يستهدفن الأبرياء».
وتجدر الإشارة إلى أن ما يزيد على نصف التفجيرات التي أعلن عن تنفيذها من جانب انتحاريات قد تم التراجع عنها بعد مرور فترة قصيرة، وبعد أن رسخت أجهزة الإعلام فكرة الانتحاريات في أذهان الناس. إذ قال رئيس مجلس محافظة ديالى إن التفجير الذي وقع وسط سوق شعبية في مدينة بعقوبة، يوم 7 تموز هذا العام، نجم عن عبوة ناسفة زرعها مجهولون، وليس جراء تفجير امرأة نفسها بحزام ناسف، كما تردد من قبل.
وقد توصل الصحافي العراقي وليد الزبيدي في تحليله للأخبار المتعلقة بالأعمال الانتحارية، إلى خلاصة أوافقه عليها وهي: «إن القراءة المهنية والموضوعية لجميع التفجيرات الغامضة التي استهدفت الأبرياء، تؤكد أن هناك تعمداً وقصدية لقتل هؤلاء، وبدون أدنى شك أن قوات الاحتلال ومن يعمل في خدمتها ويسعى لتنفيذ مشروعها، هم الذين يقفون وراء قتل هؤلاء العراقيين، وبهذه الطرق الإجرامية».
*