الاحتلال و تسليع المرأة
صورة العراقية في العقل التفتيتي
هناء إبراهيم -هيأة أرادة المرأة
صورة العراقية في العقل التفتيتي
هناء إبراهيم -هيأة أرادة المرأة
ندوة عن صورة المرأة العراقية في دمشق
أثنان و سبعون أمرأة قـتـلن قنصاً خلال عشرة أيام و القاتل جنود الأحتلال
من سمع بهذا الخبر، وإذا ما تسنى لنا توثيقه، ماهي ردات فعل منظمات حقوق الانسان وحقوق المرأة، وعلى رأسها المنظمة الدولية بجلالة قدرها.
الحادث وقع اثناء الهجوم الاول على الفلوجة عام 2004 ، وهو نموذج واحد فقط من نماذج الانتهاكات التي مارسها الاحتلال ضد كل عناصر الحياة في العراق. صمتت المنظمات النسوية في العراق، صمت الخرسان، وادارت وجوهها الى الحاكم المدني الامريكي في العراق تتوسله ان يمنحها نسبة 40% "حق الكوتا"، فمنحها 25% زائد منح مالية في حفل تخلله تبادل القبل.
اما المنظمة الدولية وادواتها في العراقً فقد انشغلت بالهروب الى المنطقة الخضراء، بحثاً عن الامن ، عاجزة عن التفاعل مع قضايا الانتهاكات اليومية التي يتعرض لها الشعب العراقي اطفالاً ونساءً ورجالاً، والانتهاكات التي يتعرض لها العراق ثروة وزرعاً ونهراُ، اي ارضاً وسماءاً.بينما نجد لمساتها في الندوات المخملية التي تعقد داخل العراق وخارجه على الاغلب لدعم حراك المرأة وصولاً الى السلطة التشريعية وتدريبها على فن القيادة ، وفن ادارة لعبة الانتخابات وإذا بنساء البرلمان يتحولن إلى سقط متاع، يبكين على تهميشهنً ، ويندبن حظوظهن العاثرة في لعبة الديمقراطية. وعندما تحل واقعة انتهاك ضد المرأة فأنهن يخبئن الرؤوس تحت جلدة كراسي البرلمان، اغتصبت الطفلة عبير امام اعينهن، فأغمضن العيون، وغرقن في متاهة الصراع بين الجينز والعباءة، كناية عن انقسام نساء البرلمان الى مذهبين، المذهب الليبرالي "الموديرن" والمذهب المحجب المحافظ.
****************
نورد لمحة من مشهد عراقي ونحن نلتقي هنا على صدى تقرير المنظمة الدولية، الذي يتحدث عن مقطع آخر من المشهد يمس صورة المرأة العراقية قي سوريا، وهنا تباع وتشترى في سوق النخاسة.
الحرة والسلعة
أيها الحضور الكريم
التقطوا اي مطبوع وقلبوه ستجدون ان صورة المرأة تحتل اعلى نسبة بين الصور الاخرى، ستجدونها بطلة كل إعلان: ساق لترويج احدى ماركات السيارات، وصدر عار لترويج الحلي و الاثواب وقمصان النوم والعطور وحبوب منع الحمل او تسهيله وبضائع اخرى ستجدون جسد المرأة العاري توأم الاعلان عن اي بضاعة يراد ترويجها.
اضغطو على زر التلفاز، توقفوا عند أية فضائية تشاؤون، ستجدون جسد المرأة يعلن بين فقرة برنامج واخرى عن كل انواع السلع وستكتشفون ان اجساد نسائنا، تقطّع أوصال المسلسلات وبرامج الاخبار والافلام والبرامج النقدية الجريئة منها او المبتذلة، وتنال حصة المشاهدة الاعلا. بل إن بعض الفضائيات تشترط على مقدمة البرامج الجادة، ان تطيل فتحة الثوب، لتظهر "الجيوب" بكامل ابهتها.
اما الاغنية فأنتم ترون ان سر ترويجها يكمن في جسد صبية يتلوى وقد خلع من ستر الثوب ستره، وابقى على ما يثير النظر والناظر، لقد ابقى على اكبر كمية من العري . كما أنكم ترون مثلنا كيف ان المغنيات لا ينجحن في سوق المنافسة إلا اذا تدربن على الرقص والعري كشرطين لنجاح "الفديو كليب"
هي المرأة المسلعة، الكائن الفاقد لماهيته إلا كسلعة، فالمرأة في معادلة السوق افضل وسيلة لترويج البضاعة وهي افضل مستهلك للبضائع التي تتشرف بترويجها، هي مادة الاستهلاك وهي وسيلته.
*******************
غير ان الطفلة عبير التي اغتصبها ذات صبيحة سوداء جندي الاحتلال ثم قتلها واهلها، فكانت بضاعة من نوع آخر، لقد جردها الاعلام من انسانيتها وكرامتها وحريتها وقدمها مادة للاغتصاب هدية لهذا "الجندي" الذي اكمل عليها وجردها من حياتها، اي جردها من حقوقها الاولى كما نصت عليه بنود الميثاق الدولي لحقوق الانسان.
الاعلام العراقي الذي ولد من رحم ديمقراطية الاحتلال هو المسؤول الاول عن اغتصاب عبير، وساقول لكم كيف، ولماذا:
العراقيون يتذكرون ايام الاحتلال الاولى يتذكرون صفعة الفاجعة ، او الصدمة وحالة اللامعقول قيل أن الدبابات التي وطأت جسد العراق مغتصبة، وزع راكبوها صورأ لنساء عاريات، بل قالوا ان اول دبابة اخترقت شوارع مدينة الثورة، كانت صورة امرأة عارية مثبتة في مقدمتها. واذا افترضنا ان هذه الاقاويل مجرد اشاعات، فإن لهذه الاشاعات دلالاتها في الضمير الشعبي، لكن ما هو مثبت خارج الاشاعة موثوق في رزنامة ايام الاحتلال، لا يستطيع احد إنكار صورة المرأة في الصحافة العراقية المحلية، تفضحه اعداد"الزمان" واعداد "الصباح" وغيرها من الصحف التي افتتحت سوق الديمقراطية في العراق، فالصورة الملونة التي احتلت الصفحة الاولى من عدد كل يوم، وضعها المصمم في منطقة ارتكاز عين القارئ داخل مربع كبير ترصد جنود الاحتلال فوق دباباتهم وامرأة عراقية بعباءتها السوداء الكالحة تقف (في احداها) لصيقة بالجندي تتحدث من هاتفه النقال، وهو يبتسم لها، وهي تبتسم له شاكرة، وفي لقطة اخرى: تقف عباءة داخلها تلك المرأة ويد الجندي تقدم لها قنينة ماء....وهكذا.
اما الصفحة الاخيرة، وقد تميزت "الزمان" بها إذ افردت جسد المرأة من قمة الصفحة الى قاعدتها.
والصورة ملونة بما يوحي بترف العرض، وترف الغرض وللتذكر علينا ان لا ننسى ان صحيفة الزمان، كانت توزع آلاف الاعداد مجاناً، وتتبنى – في الوقت ذاته – مسابقة مميزة حول بحوث المرأة مقابل مكافأة مالية. بينما افردت صحيفة الصباح، صفخات خاصة بالمرأة قبيل الانتخابات مباشرة، اعدت بشكل عشوائي، وتوقفت بعد انتهاء واقعة الانتخابات التي لحصة المرأة فيها مكرمة الكوتا في جميع اللوائح الانتخابية سواء ليبرالية كانت او متشددة لأسباب مذهبية.
الاعلام العراقي، مواكب لآليات الاحتلال ومشروعها في تكريس مناظيره حول المرأة ووسائل استغلال حجمها الانتخابي اشترك بوعي غير مشكوك فيه، بتكريس صورة امرأة يجب ان تكون في عراق يجب ان يكون جديداً.
وهنا اورد إلاعلام صوراً جديدة للمرأة العراقية، غير نمطية "جريئة"، "متحررة"، هي صورة المرأة التي تأبطت ذراع جندي امريكي في حقل زواج غير عادي.
وتناقلت وسائل الاعلام العربية والعالمية هذه الصورة التي عممت في مواقع الانترنت لكنها سرعان ما ذبلت واختفت لأن الواقع العراقي على الارض هو غير ما تسعى إليه الحفلات الإعلامية العاملة على احداث تغيير سريع في صورة المرأة العراقية التي يجب ان تكون غير نمطية وتتلاءم مع "عراق جديد".
*******************
اين مربط الفرس، في اسباب لقائنا اليوم؟
لانخفيكم اننا في العام الخامس للاحتلال علينا ان ندرس التحولات قي صورة المرأة العراقية كما تصيدها الاعلام التجاري في سياق"ظاهرة" الاحتلال الامريكي للعراق، الاغراض والنتائج، وهو عمل مناط بمؤسسات المشروع الوطني-القومي التحرري الاعلامية والبحثية، حتى لا نترك للعقل الليبرالي التفتيتي، ان يحتكر تصنيع الصورة لغايات لا نجهل ماوراءها.
لكن المشروع التحرري في اللحظة الراهنة، منغمس في اولوية المواجهة الميدانية للاحتلال ومشروعه، وهو في خضم النضال اللاحق، ومتطلباته، وحاجات النضال الصعب، لم يمؤسس بعد، مرتكزاته "المعرفية" على قاعدة البحث والدراسة.
وعليه فهي مهمة "العقل التنويري" الشريك للمشروع التحرري ان يحمل نفسه هذه المسؤولية ويجد له موقعاً في الحيز الفكري والثقافي والاعلامي، في مناطحة الفكر المضاد للتحرر والحرية على المستويات الثقافية والاعلامية.
ولذا، فأن مثل هذا اللقاء هو مسعى في هذا الاتجاه، وآلية من آليات المواجهة، ودعوة في الوقت ذاته للعقل العراقي التنويري، ان يمارس وعيه في مواجهة المشاريع الرجعية المضادة التي تخدم عن نية مبيتة مشروع الاحتلال وأغراضه البعيدة . وليست صورة المرأة السلبية المجتزأة المقتطعة قسرأ، عن المشهد الشمولي تحت واقعة الاحتلال، إلا آلية إعلامية من آليات المشروع المضاد للحرية، الساعي إلى محاصرة المرأة في صورة سلبية مجتزأة، قد تبدو لأول وهلة، إنها آلية إعلامية محض في سياق السبق، ولكن أن تغفل هذه الآلية، وقائع دموية ضد الطفلة والمرأة تتحدث عنها الحياة العراقية اليومية في ظل الاحتلال يعني ذلك، أن الغرض الإعلامي الموضوعي قد زال، وان حصة الإعلام الموجه هو الغرض في استخدام هذه الآلية.
لماذا تخفى صورة المرأة العراقية ودورها الايجابي في بيئة المقاومة، لماذا تخفى صورة المرأة العراقية المعيلة، وهي تدافع عن شرفها المحصن، بينما تبتكر وسائل الإعالة الأسرية بعيداً عن المتاجرة بالجسد
"قيل أن الحرة لا تأكل بلحمها" هي حقيقة موضوعية، الحرة لا تأكل بلحمها، أما من تقدم لحمها مادة للبيع، فإنها لا تبحث عن إعالة الأسرة بل عن شيء آخر، علينا ا نبحث فيه وحوله، نفسياً، واجتماعياً.
لماذا "المرأة سلعة" هو عنوان البرامج الإعلامية التي تعود إلى أصحاب الفضائيات بالأرباح المذهلة: من يرعى برامج انتخاب ملكات الجمال وبرامج ملكات عروض الأزياء، وبرامج ملكات الإعلان، وبرامج التلفزيون الواقعي تحت شعار "البقاء للأصلح" أو " الفوز للابقى".
***************
عليه فإننا لن نخدع، ليست صورة العراقية بطلة أغنية "البرتقالة" بطلة البرتقالة، مادة إعلامية – إعلانية، لتسويق أغنية تدر بالربح على منتجها.
هي صورة غير واقعية، هي صورة مشكلة لغرض الاتجار بها. هي صورة البضاعة كما يشتهي المنتج- السمساران يصنعها .
أما صورة العراقية في أروقة الجامعة، والجوامع، والمنظمات النسوية المناهضة للاحتلال، فأن "إعلان" الشرقية على سبيل المثال، لا يتناولها. قال احد العاملين في الشرقية وهو يصور ندوة في فكر المرأة، قال :اكره هذا النمط من النساء، بل اكره هذا النمط من العمل إذ أن الصورة الواقعية للمرأة العراقية غير مطابقة للمهمة المطلوب انجازها.
أذا اعترفنا، إننا لم نخرج بعد من عصور التبعية والاستعباد، فأننا نعترف بالضرورة أن الصورة المطلوبة للمرأة العراقية بل المرأة في كل مكان، هي صورة الجارية المتمردة، ليس أكثر، ليس اقل.
وحتى ننهي حصتنا في زمن اللقاء نحيلكم إلى بعض الأرقام العامة كما طرحتها المنظمة الدولية وبعض مراكز البحوث، فالأرقام في عصر حكومات الاحتلال، هي قاعدة مغيبة، ليس من مصلحة المهيمن المتسلط أن يعتمدها. انه كما يتاجر بالمال العام، يتاجر بالأرقام، في عملية نهب مفضوحة بشكل صارخ، لكنها محصنة بدبابة الاحتلال، هي ذي الأرقام لكم أن تستنتجوا يا أصحاب العقول النيرة.
لقد احتل العراق منذ أكثر من خمس سنوات:
1- أكثر من مليون ضحية قتلوا بنيران المحتل وفرق الموت وتحت التعذيب في سجون الاحتلال الأمريكية والعراقية.
2- ستة ملايين عدد المواطنين المهجرين قسراً داخل العراق وخارجه، ويذكر أن العدد يصل إلى قرابة المليونين في سوريا وحدها.
3- بلغ عدد الأرامل ثلاثة ملايين أرملة، وعدد الأيتام خمسة ملايين يتيم.
4- بلغت نسبة البطالة 70% تقريباً 90% منها بطالة في صفوف النساء.
5- لا رقم ثابت حول أعداد المعتقلين والمعتقلات في سجون الاحتلال، وحكوماته ، فالرقم دوار إذ تسبق كل حملة اعتقال عملية إخراج محدود. لكن الرقم الثابت لم ينخفض عن مستوى 250 ألف معتقل وعشرة آلاف معتقلة.
6- انتشار ظاهرة التسول بين النساء والأطفال مما لم يشهده العراق في تاريخه
7- انتشار زواج المتعة علناً في فنادق باب الشرقي وما شابهها في مدن عراقية أخرى.
8- انبثاق مافيا الرقيق الأبيض والاتجار بالنساء والأطفال بواسطة عصابات اعتمدت وسيلة الخطف آلية من آليات هذه التجارة، وبيع العذراوات والأطفال بأسعار تنافسية في الأسواق الخارجية.
9- التسرب من الدراسة بنسبة 70% في كل المراحل الدراسية وعلى مستوى الجنسين.
إذن ما هو الجديد في "الحالة" العراقية حتى ينحصر دور المنظمة الدولية ، وتلك المعنية باللاجئين والأخرى المختصة بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، حتى ينحصر دورها بصورة عن المرأة العراقية في الملاهي وفي حفلات سمر "الكيوالية" الغجر، وحفلات زواج المتعة التي تبدأ ساعة وقد ينتهي بأيام معدودات والسوق، سوق للدعارة لا يعترف بهوية المصدر، لكنه يكتفي "بالجنس" بضاعة والأسعار تنافسية.