اقامت هيئة ارادة المرأة ، بمناسبة مرور العام الخامس على الاحتلال الامريكي للعراق ، ندوة في المنتدى الاجتماعي في العاصمة السورية دمشق وتحدثت السيدة هناء ابراهيم رئيسة الهيئة عن رؤية المرأة لمشروع تحريرها وحركة نساء ضد الاحتلال نموذجا
نساء ضد الاحتلال
رؤية المرأة لمشروع تحريرها
رؤية المرأة لمشروع تحريرها
هناء ابراهيم
المنتدى الاجتماعي في دمشق7/ 4/2008
المنتدى الاجتماعي في دمشق7/ 4/2008
لم اعد افهم شيئا يا بني
رهنوا الشمس
لدى المرابين
شنقوا التاريخ من رجليه
باعوا الخيل والكوفية البيضاء
باعوا انجم الليل من العين
وباعوا في عيون البدويات الحور
اجهضونا قبل ان نحبل
اعطونا حبوباً تمنع التاريخ
ان ينجب اولاداً
واعطونا لقاحاً يمنع الشام
ان تصبح بغداداً
وسقونا من شراب
يجعل الإنسان من غير مواقف
ثم اعطونا مفاتيح الولايات
وسمونا ملوكاً للطوائف
ياصلاح الدين
رحم الله نزار القباني
ومن ثم
ايا وطني
نتابع احداثه في المساء
فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء؟؟؟
*********
هو ذا مدخلي – إن أذنتم - ، إنه يوجز ما نحن فيه.... في زمن الاحتلالات والاستعمار الاستيطاني، الزمن العربي الرديء، زمن السمسرة والقهر والمصادرة والاقصاء والهيمنة ... من فلسطين الى العراق، ومن الصومال إلى اينما اتجهتم، فأنها خارطة الوطن العربي بين ايديكم، تعلن عما نحن فيه.
لن نستهلك وقتكم في وصف حال المرأة في العراق خلال اعوام الاحتلال الخمس، فحالها من حال العراق، من سيء الى أسوا، اما الكهرباء عندكم فمازالت موجودة والحمد لله، ومن يتابع منكم شبكات الفضائيات ومواقع الانترنت، فإنه يدرك ماهية المشهد في العراق، ولعلكم تعرفتم على حال العراقية وبلدكم تستضيف الهاربات والهاربين من الموت والنساء تشكل في احدث الارقام نسبة 60-65% من التركيبة السكانية، فأي هم ستحمله المرأة معها الى المستقبل؟
واي اثمان جديدة ستدفع من حصتها في الحياة الحرة الكريمة ام ان على كل امرأة ان تحني رأسها لسموم التغيير على الطريقة الامريكية، وتبادر بالموافقة على ان تشاركها بيت الزوجية عدة زوجات اخريات لتسهم في حل مشكلة الارامل والتوازن السكاني بين الذكور والاناث؟
(بلغ عدد الارامل في العراق بين مليون الى 3 ملايين ...والايتام 5 ملايين والمعوقين مليون والضحايا مليون و 250 الف، فعدوا على حاسباتكم.
نمر على هذه الظاهرة بما تحمله من مشكلات اجتماعية، مرور الكرام، ومن باب النكتة السوداء، فأعذرونا.
انتقالة نوعية
على قاعدة صناعة الحياة التي تشرفت النساء بامتلاك سرها، سنتحدث عن مشروع نساء ضد الاحتلال وقد رسمن نحو الاهداف البعيدة مشاريع تنطلق من رؤية فلسفية هذه معادلتها:
" لا حر لا عبد، لا ذكر لا انثى، لا غني لا فقير"
هذا هو مجتمع الانعتاق....
أن صورة المرأة في العراق المحتل تعكس الجوهر في كينونة المرأة وتنوع ادوارها والتضاد المؤلم ولكن الحيوي الذي يحكم حراكها في ظل تقدم صناعة الموت:
فهي بيد تدفن حبيباً او غالياً وبيد تسحب وليداً من انين المخاض وتفترش معه تراب القبور تمده بحليب الحياة، وتحيا من اجل ان يحيا.
تصنف ادبيات علم الاجتماع، النساء بالشريحة الاكثر هشاشة في المجتمع الى جانب الطفل، لا سيما في ازمنة الحروب والاحتلالات والصراعات الدامية، كما في ازمنة التخلف واوبئتها، ولن نختلف نظرياً حول اسباب هذا التحليل وقواعده.
لكن خاصية صناعة الحياة، جعلت من ادوار المرأة ادواراً ذات تشابك معقد ومركب، فجعلت المرأة في مكمن حيوي منها، الشريحة الاكثر صلابة، والاكثر ثباتاً، والاكثر قدرة على مواجهة التحديات، بتحديات مقابلة ترتبط بشرط الوجود.
وقد نسأل سؤالاً غير اعتباطي:
هل للمقاومة في العراق ان تصمد لو لم تكن المرأة بذاتها، وبحجم دورها في الاسرة والمجتمع هي بيئة ايجابية للمقاومة: اي بيت المقاومة وسترها، وراعية امنها وحافظة اجيالها الثلاث ( الجد، الابن، الحفيد)، وبنيتها التحتية إن صح التعبير؟
الوقائع على الارض تجيب لصالح ما نرمي إليه، ودور المرأة هذا الى جانب خاصيتها في صناعة الحياة والاستجابة لشروط الوجود والبقاء، انما مارسته كدور طبيعي، خارج اطر الحراك النسوي سواء وقفت وراءه اجندات حزبية سياسية، او طائفية عقائدية وخارج رشاوي بريمر بالكوتا، وخارج الحوارات المتصادمة بين قبول القرار 137 المذهبي او رفضه بل وخارج حجم المرأة الكمي في البرلمان المصنوع تحت الاحتلال، حيث كثرت المقترحات للنهوض بواقع المرأة، بينما انجرف هذا الواقع الى الوراء مئات السنين بمعية فوضى الديمقراطية التي انقلبت الى فوضى المحاصصة الطائفية.
وقد اعترف بوش "بهزيمة مشروعه" في انجاح اواليات للديمقراطية في العراق على طريقته إذ قال عشية لعبة الانتخابات: قد لا تنجح الديمقراطية في العراق امام نجاح سيادة الطائفية في العملية السياسية.
وتأسيساً على خاصية المرأة في ممارسة ادوارها الطبيعية تلبية لشرط الوجود والحفاظ على الحياة، والدفع للبقاء في ظل هيمنة صناعة الموت، ولأن المرأة اجتماعياً تمثل في الازمنة الرديئة الشريحة الاكثر هشاشة، والاكثر صلابة في آن، فإن الحاجة النضالية لانتقال المرأة من الدور الطبيعي إلى الدور الريادي، كأنتقالة نوعية تنسجم مع حجمها الكمي في التركيبة السكانية، كما تنسجم مع دورها الطبيعي في بيئة المقاومة، وتؤسسس لمتطلبات موضوعية في راهن حراكها ومستقبله نحو اهداف مركبة على المستويين الذاتي والموضوعي، فإن النساء المناهضات للاحتلال والهيمنة رغم ان الاطر التي مثلنهن، كان لأولوية مواجهة الاحتلال الاولوية في حراكهن، إلا انهن وعين ان غياب حجمهن عن الدور القومي التحرري سيخل بمعادلة التحرير، كما سيعيد تشويش مفهوم الحرية كأعلا مستوى نحو الانعتاق الانساني الذي تنشده المرأة لإعادة صياغة العلاقة بين المرأة والرجل خارج مفاهيم الانوثة والذكورة المتخلفة التي تأسست "نظمها" وموروثاتها على قاعدة الاستغلال.
وعليه ...نستطيع ان نوجز المشروع التحرري للمرأة في العراق التي تعيش تحت وطأة احتلالات مركبة بالتالي:
1- اذا كان للفرد حرية اعتناق العقائد والافكار والانتماء الى الاحزاب، فإن ذلك ينعكس بعداً ثقافياً وخبراً في حركة نساء ضد الاحتلال على ان تكون هذه الحركة غير تابعة لحزب بذاته او عقيدة بذاتها، انما هي حركة مستقلة بذاتها، تؤدلج الحراك النسوي في مشروع تحرري يخدم رؤى المرأة ويفعل الحراك التحرري – الاجتماعي القومي.
2- اطلاق مبادرات المرأة بما ينسجم والبيئة التي تتحرك فيها، والانتقال بحركة المرأة الايجابية من الممارسة الطبيعية الى الممارسة الريادية، كالحملات التي تقودها نساؤنا في العراق وخارجه للمقاطعة، وبث ثقافة مقاطعة بضائع الاعداء التي تتحول إلى رصاص في صدور ابنائنا، وقنابل تهدم بيوتنا.(ومبادرات اخرى على المستوى الثقافي والاجتماعي)
3- إعادة انتاج المفاهيم والقيم التي تشكل قيافة البرنامج النضالي، ومفردات العمل، كتحويل مفهوم "حق الجار" إلى مبادرة تنظيمية في الاحياء ومناطق السكن تنسج بيئة وطنية صادة في وجه المؤامرات الشرسة ضد المقاومة، تقودها المرأة.
4- التحرر من وسائل تسليع المرأة لذاتها بذاتها وذلك بتحويل رصيدها من الحلي الى رصيد مادي للمقاومة وتغيير صورتها في عقد الزواج بأن تشترط فيه على تكريس حقوقها، وتغيير مفهوم " قيمة المهر او النقد" حيث تتبنى نساؤنا من موقع المشاركة في مؤسسة الزواج قيمة رمزية عالية اثناء توقيع عقد الزواج مثل : المقدم نسخة من القرآن الكريم والمؤخر نسخة من القرآن الكريم، على سبيل مثال ما يحصل واقعياً وهناك امثلة اخرى.
5- ان المرأة وهي تمارس دورها المقاوم على جميع الاصعدة ( المقاومة السياسية و الاجتماعية و الإعلامية والمسلحة) فإنها تسهم ببلورة المشروع القومي التحرري فكرياً وتشكل مركز استقطاب قائم بحد ذاته كمنتج ايجابي للتغيير لها فيه حصة المشاركة الريادية وليس مجرد صدى للمشاريع السياسية العرجاء، التي تتعامل مع المرأة رقماً(للكوتا) ولا تدرك ابعاد وجودها النوعي ودوره إلا كتابع كما في تاريخنا النضالي العربي، حيث المرأة سلعة سياسية في افضل احوالها.
(عملياً، قادت نساؤنا مبادرات الاحتجاج، والتظاهر، والمقاطعة، وندوات فكرية، اول من تبنت تسويق شعر المقاومة، انتجت مطبوع (تحت الاحتلال 3 نساء) مطبوع "عقول" عن هيئة ارادة المرأة ، والان تنسج تنظيماً جديداً على قاعدة حق الجار)
6- في جوهر النضال الواعي التي تقبض عليه ارادات نسائية حرة، يكمن جوهر المشروع التحرري القومي في استحقاقه التاريخي، وتوقن نساؤنا ان مفهوم التحرير المجزأ على قاعدة سايكس بيكو، انما هو مشروع غير منجز، يحمل اسباب الهزيمة عقداً وراء عقد، مثلما عجز الحزب القومي – القطري، ومثلما فشل النظام العربي القطري في انجاز المشروع التحرري، بل وفشل حتى في المحافظة على سيادة الدولة حيث سقطت هذه السياسة عن النظام العربي القائم بمجرد احتلال العراق.
ولا يغيب عن حركة نساء ضد الاحتلال ، ان العراق قد احتل عملياً ولوجستياً بفتح النظام العربي لحدوده وانهاره وفضاءاته لماكنة العدو العسكرية لينجز احتلال العراق، وعليه نقرأ الحالة الفلسطينية والصومالية وكيف سرقت الجزر العربية الثلاث، وكيف انتهى النظام العربي الى شرطي بالنيابة لعزل حركة التحرر العربي عن عمقها القومي، واعتقالها داخل السجن الاقليمي، او كيف هو شاهد امين على انتهاك المرأة العربية بالغزو والاحتلال وبالتبعية لآليات التخلف على قاعدة المجتمع العشائري الذكوري،وعلى هدى سماسرة الاستغلال منبع ثقافة تسليع المرأة .
ولأن المرأة العربية مهزومة مرتين، فإن نساءنا في العراق يعمقن مشروعهن التحرري في بعده القومي، ويسهمن في تفعيل المشروع القومي بحجم مشاركتهن النوعية فيه، كبؤرة متالقة لما يجب ان تكون عليه بؤر الثورة العربية بعد استعادة منطلقاتها وقواعد انطلاقها.
7- كما ان نساءنا في مشروعهن التحرري لا يعزلن حراكهن عن المتغيرات في العالم وانبثاق حركات تحرر اجتماعي، تلتف حول القضايا العادلة للانسان ضد همجية الشركات المتوحشة وجشع النظام العالمي القائم على الاستغلال والهيمنة والاستعمار والاحتلال، لذا فإنهن ربطن مشروعهن التحرري بالمشروع التاريخي القائم على حضارة انسانية تصنعها ارادات الشعوب الحرة، والشرائح والطبقات الاجتماعية المرتهنة سعاداتها والمرتهن امنها واستقرارها وابداعها بسيادة مفاهيم الحرية والعدل والسلم والتقدم هي عنوان حضارة عالمية تقوم على قاعدة الانسان والتاريخ وهو عنوان القرن الواحد والعشرين في تحديه للمزالق التي قادته اليها قوى العسف العالمية.
خلاصة:
نختصر برنامج عمل حركة نساء ضد الاحتلال بأنها : حركة قائمة بذاتها حلف في المشروع القومي التحرري في العراق على خاصية مشروع المرأة التحرري، تستمد برامجها وآليات عملها من الحاجات النضالية للمرأة وحاجات مشروع التحرير للمقاومة في العراق وتعتمد في ذلك على المبادرة كونها آلية ابداعية تربط الرؤية بالعمل المباشر على الارض.
والحركة تؤمن بالترابط الجدلي في مشروع التحرير في العراق وعمقه القومي وكونه بؤرة من بؤر الثورة العربية.
وعليه لا تفصل الحركة بين العمل النضالي للمرأة في العراق والعمل النضالي للمرأة في كافة ارجاء الوطن العربي، وكذلك مع مشاريع المرأة التحررية في العالم.
رهنوا الشمس
لدى المرابين
شنقوا التاريخ من رجليه
باعوا الخيل والكوفية البيضاء
باعوا انجم الليل من العين
وباعوا في عيون البدويات الحور
اجهضونا قبل ان نحبل
اعطونا حبوباً تمنع التاريخ
ان ينجب اولاداً
واعطونا لقاحاً يمنع الشام
ان تصبح بغداداً
وسقونا من شراب
يجعل الإنسان من غير مواقف
ثم اعطونا مفاتيح الولايات
وسمونا ملوكاً للطوائف
ياصلاح الدين
رحم الله نزار القباني
ومن ثم
ايا وطني
نتابع احداثه في المساء
فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء؟؟؟
*********
هو ذا مدخلي – إن أذنتم - ، إنه يوجز ما نحن فيه.... في زمن الاحتلالات والاستعمار الاستيطاني، الزمن العربي الرديء، زمن السمسرة والقهر والمصادرة والاقصاء والهيمنة ... من فلسطين الى العراق، ومن الصومال إلى اينما اتجهتم، فأنها خارطة الوطن العربي بين ايديكم، تعلن عما نحن فيه.
لن نستهلك وقتكم في وصف حال المرأة في العراق خلال اعوام الاحتلال الخمس، فحالها من حال العراق، من سيء الى أسوا، اما الكهرباء عندكم فمازالت موجودة والحمد لله، ومن يتابع منكم شبكات الفضائيات ومواقع الانترنت، فإنه يدرك ماهية المشهد في العراق، ولعلكم تعرفتم على حال العراقية وبلدكم تستضيف الهاربات والهاربين من الموت والنساء تشكل في احدث الارقام نسبة 60-65% من التركيبة السكانية، فأي هم ستحمله المرأة معها الى المستقبل؟
واي اثمان جديدة ستدفع من حصتها في الحياة الحرة الكريمة ام ان على كل امرأة ان تحني رأسها لسموم التغيير على الطريقة الامريكية، وتبادر بالموافقة على ان تشاركها بيت الزوجية عدة زوجات اخريات لتسهم في حل مشكلة الارامل والتوازن السكاني بين الذكور والاناث؟
(بلغ عدد الارامل في العراق بين مليون الى 3 ملايين ...والايتام 5 ملايين والمعوقين مليون والضحايا مليون و 250 الف، فعدوا على حاسباتكم.
نمر على هذه الظاهرة بما تحمله من مشكلات اجتماعية، مرور الكرام، ومن باب النكتة السوداء، فأعذرونا.
انتقالة نوعية
على قاعدة صناعة الحياة التي تشرفت النساء بامتلاك سرها، سنتحدث عن مشروع نساء ضد الاحتلال وقد رسمن نحو الاهداف البعيدة مشاريع تنطلق من رؤية فلسفية هذه معادلتها:
" لا حر لا عبد، لا ذكر لا انثى، لا غني لا فقير"
هذا هو مجتمع الانعتاق....
أن صورة المرأة في العراق المحتل تعكس الجوهر في كينونة المرأة وتنوع ادوارها والتضاد المؤلم ولكن الحيوي الذي يحكم حراكها في ظل تقدم صناعة الموت:
فهي بيد تدفن حبيباً او غالياً وبيد تسحب وليداً من انين المخاض وتفترش معه تراب القبور تمده بحليب الحياة، وتحيا من اجل ان يحيا.
تصنف ادبيات علم الاجتماع، النساء بالشريحة الاكثر هشاشة في المجتمع الى جانب الطفل، لا سيما في ازمنة الحروب والاحتلالات والصراعات الدامية، كما في ازمنة التخلف واوبئتها، ولن نختلف نظرياً حول اسباب هذا التحليل وقواعده.
لكن خاصية صناعة الحياة، جعلت من ادوار المرأة ادواراً ذات تشابك معقد ومركب، فجعلت المرأة في مكمن حيوي منها، الشريحة الاكثر صلابة، والاكثر ثباتاً، والاكثر قدرة على مواجهة التحديات، بتحديات مقابلة ترتبط بشرط الوجود.
وقد نسأل سؤالاً غير اعتباطي:
هل للمقاومة في العراق ان تصمد لو لم تكن المرأة بذاتها، وبحجم دورها في الاسرة والمجتمع هي بيئة ايجابية للمقاومة: اي بيت المقاومة وسترها، وراعية امنها وحافظة اجيالها الثلاث ( الجد، الابن، الحفيد)، وبنيتها التحتية إن صح التعبير؟
الوقائع على الارض تجيب لصالح ما نرمي إليه، ودور المرأة هذا الى جانب خاصيتها في صناعة الحياة والاستجابة لشروط الوجود والبقاء، انما مارسته كدور طبيعي، خارج اطر الحراك النسوي سواء وقفت وراءه اجندات حزبية سياسية، او طائفية عقائدية وخارج رشاوي بريمر بالكوتا، وخارج الحوارات المتصادمة بين قبول القرار 137 المذهبي او رفضه بل وخارج حجم المرأة الكمي في البرلمان المصنوع تحت الاحتلال، حيث كثرت المقترحات للنهوض بواقع المرأة، بينما انجرف هذا الواقع الى الوراء مئات السنين بمعية فوضى الديمقراطية التي انقلبت الى فوضى المحاصصة الطائفية.
وقد اعترف بوش "بهزيمة مشروعه" في انجاح اواليات للديمقراطية في العراق على طريقته إذ قال عشية لعبة الانتخابات: قد لا تنجح الديمقراطية في العراق امام نجاح سيادة الطائفية في العملية السياسية.
وتأسيساً على خاصية المرأة في ممارسة ادوارها الطبيعية تلبية لشرط الوجود والحفاظ على الحياة، والدفع للبقاء في ظل هيمنة صناعة الموت، ولأن المرأة اجتماعياً تمثل في الازمنة الرديئة الشريحة الاكثر هشاشة، والاكثر صلابة في آن، فإن الحاجة النضالية لانتقال المرأة من الدور الطبيعي إلى الدور الريادي، كأنتقالة نوعية تنسجم مع حجمها الكمي في التركيبة السكانية، كما تنسجم مع دورها الطبيعي في بيئة المقاومة، وتؤسسس لمتطلبات موضوعية في راهن حراكها ومستقبله نحو اهداف مركبة على المستويين الذاتي والموضوعي، فإن النساء المناهضات للاحتلال والهيمنة رغم ان الاطر التي مثلنهن، كان لأولوية مواجهة الاحتلال الاولوية في حراكهن، إلا انهن وعين ان غياب حجمهن عن الدور القومي التحرري سيخل بمعادلة التحرير، كما سيعيد تشويش مفهوم الحرية كأعلا مستوى نحو الانعتاق الانساني الذي تنشده المرأة لإعادة صياغة العلاقة بين المرأة والرجل خارج مفاهيم الانوثة والذكورة المتخلفة التي تأسست "نظمها" وموروثاتها على قاعدة الاستغلال.
وعليه ...نستطيع ان نوجز المشروع التحرري للمرأة في العراق التي تعيش تحت وطأة احتلالات مركبة بالتالي:
1- اذا كان للفرد حرية اعتناق العقائد والافكار والانتماء الى الاحزاب، فإن ذلك ينعكس بعداً ثقافياً وخبراً في حركة نساء ضد الاحتلال على ان تكون هذه الحركة غير تابعة لحزب بذاته او عقيدة بذاتها، انما هي حركة مستقلة بذاتها، تؤدلج الحراك النسوي في مشروع تحرري يخدم رؤى المرأة ويفعل الحراك التحرري – الاجتماعي القومي.
2- اطلاق مبادرات المرأة بما ينسجم والبيئة التي تتحرك فيها، والانتقال بحركة المرأة الايجابية من الممارسة الطبيعية الى الممارسة الريادية، كالحملات التي تقودها نساؤنا في العراق وخارجه للمقاطعة، وبث ثقافة مقاطعة بضائع الاعداء التي تتحول إلى رصاص في صدور ابنائنا، وقنابل تهدم بيوتنا.(ومبادرات اخرى على المستوى الثقافي والاجتماعي)
3- إعادة انتاج المفاهيم والقيم التي تشكل قيافة البرنامج النضالي، ومفردات العمل، كتحويل مفهوم "حق الجار" إلى مبادرة تنظيمية في الاحياء ومناطق السكن تنسج بيئة وطنية صادة في وجه المؤامرات الشرسة ضد المقاومة، تقودها المرأة.
4- التحرر من وسائل تسليع المرأة لذاتها بذاتها وذلك بتحويل رصيدها من الحلي الى رصيد مادي للمقاومة وتغيير صورتها في عقد الزواج بأن تشترط فيه على تكريس حقوقها، وتغيير مفهوم " قيمة المهر او النقد" حيث تتبنى نساؤنا من موقع المشاركة في مؤسسة الزواج قيمة رمزية عالية اثناء توقيع عقد الزواج مثل : المقدم نسخة من القرآن الكريم والمؤخر نسخة من القرآن الكريم، على سبيل مثال ما يحصل واقعياً وهناك امثلة اخرى.
5- ان المرأة وهي تمارس دورها المقاوم على جميع الاصعدة ( المقاومة السياسية و الاجتماعية و الإعلامية والمسلحة) فإنها تسهم ببلورة المشروع القومي التحرري فكرياً وتشكل مركز استقطاب قائم بحد ذاته كمنتج ايجابي للتغيير لها فيه حصة المشاركة الريادية وليس مجرد صدى للمشاريع السياسية العرجاء، التي تتعامل مع المرأة رقماً(للكوتا) ولا تدرك ابعاد وجودها النوعي ودوره إلا كتابع كما في تاريخنا النضالي العربي، حيث المرأة سلعة سياسية في افضل احوالها.
(عملياً، قادت نساؤنا مبادرات الاحتجاج، والتظاهر، والمقاطعة، وندوات فكرية، اول من تبنت تسويق شعر المقاومة، انتجت مطبوع (تحت الاحتلال 3 نساء) مطبوع "عقول" عن هيئة ارادة المرأة ، والان تنسج تنظيماً جديداً على قاعدة حق الجار)
6- في جوهر النضال الواعي التي تقبض عليه ارادات نسائية حرة، يكمن جوهر المشروع التحرري القومي في استحقاقه التاريخي، وتوقن نساؤنا ان مفهوم التحرير المجزأ على قاعدة سايكس بيكو، انما هو مشروع غير منجز، يحمل اسباب الهزيمة عقداً وراء عقد، مثلما عجز الحزب القومي – القطري، ومثلما فشل النظام العربي القطري في انجاز المشروع التحرري، بل وفشل حتى في المحافظة على سيادة الدولة حيث سقطت هذه السياسة عن النظام العربي القائم بمجرد احتلال العراق.
ولا يغيب عن حركة نساء ضد الاحتلال ، ان العراق قد احتل عملياً ولوجستياً بفتح النظام العربي لحدوده وانهاره وفضاءاته لماكنة العدو العسكرية لينجز احتلال العراق، وعليه نقرأ الحالة الفلسطينية والصومالية وكيف سرقت الجزر العربية الثلاث، وكيف انتهى النظام العربي الى شرطي بالنيابة لعزل حركة التحرر العربي عن عمقها القومي، واعتقالها داخل السجن الاقليمي، او كيف هو شاهد امين على انتهاك المرأة العربية بالغزو والاحتلال وبالتبعية لآليات التخلف على قاعدة المجتمع العشائري الذكوري،وعلى هدى سماسرة الاستغلال منبع ثقافة تسليع المرأة .
ولأن المرأة العربية مهزومة مرتين، فإن نساءنا في العراق يعمقن مشروعهن التحرري في بعده القومي، ويسهمن في تفعيل المشروع القومي بحجم مشاركتهن النوعية فيه، كبؤرة متالقة لما يجب ان تكون عليه بؤر الثورة العربية بعد استعادة منطلقاتها وقواعد انطلاقها.
7- كما ان نساءنا في مشروعهن التحرري لا يعزلن حراكهن عن المتغيرات في العالم وانبثاق حركات تحرر اجتماعي، تلتف حول القضايا العادلة للانسان ضد همجية الشركات المتوحشة وجشع النظام العالمي القائم على الاستغلال والهيمنة والاستعمار والاحتلال، لذا فإنهن ربطن مشروعهن التحرري بالمشروع التاريخي القائم على حضارة انسانية تصنعها ارادات الشعوب الحرة، والشرائح والطبقات الاجتماعية المرتهنة سعاداتها والمرتهن امنها واستقرارها وابداعها بسيادة مفاهيم الحرية والعدل والسلم والتقدم هي عنوان حضارة عالمية تقوم على قاعدة الانسان والتاريخ وهو عنوان القرن الواحد والعشرين في تحديه للمزالق التي قادته اليها قوى العسف العالمية.
خلاصة:
نختصر برنامج عمل حركة نساء ضد الاحتلال بأنها : حركة قائمة بذاتها حلف في المشروع القومي التحرري في العراق على خاصية مشروع المرأة التحرري، تستمد برامجها وآليات عملها من الحاجات النضالية للمرأة وحاجات مشروع التحرير للمقاومة في العراق وتعتمد في ذلك على المبادرة كونها آلية ابداعية تربط الرؤية بالعمل المباشر على الارض.
والحركة تؤمن بالترابط الجدلي في مشروع التحرير في العراق وعمقه القومي وكونه بؤرة من بؤر الثورة العربية.
وعليه لا تفصل الحركة بين العمل النضالي للمرأة في العراق والعمل النضالي للمرأة في كافة ارجاء الوطن العربي، وكذلك مع مشاريع المرأة التحررية في العالم.