20 Aug 2008
على مها السلام
وعلينا العواء
التنويه الأول
هناء إبراهيم- خاص دار بابل
نستمحي القارئ عذرا ونحن نخرج من ذواتنا سعيا لتوثيق ( حادث مؤسف ) مرّ علينا كما مرت ألاف مؤلفة من ( الحوادث المؤسفة ) على مدى خمس سنوات ونيف من عمر عراقنا الذي يعيش تحت الاغتصاب جهرا , وعلنا , وأمام مرأى منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات هيئة الأمم العطوف , والمنظمات النسوية التي هجمت بالآلاف على العراق رافعة راية الاتفاقية الدولية لرفض كل أشكال التمييز ضد المرأة والطفلة ( سيداو), وبينما يتحدث مسوقي الاحتلال عن المبادرة الأمريكية في الذهاب بالديمقراطية الى العراق ويبشرون " بدولة " القانون ,و بينما اعتلى المالكي عرش رئاسة الحكومة الرشيدة , نجد أنفسنا نخوض في وحل الاعرس الوحشية ودماء الطاهرات والعرائس بناتنا الغضات الصغيرات البريئات , مغتصبات في أحضان بيوتهن وأمهاتهن . مهمة التوثيق التي تخرجك من الذات لتقف إزاءها كمجرد ناقل اخرس للحدث , تجعلنا نفقد السيطرة على تقنية المهمة أو النقل , لا لسنا أدوات تسجيل , أو مجرد مكبرات صوت, إننا نحمل في العب دماء ضحايانا وفي أحضاننا أنات المسبيات تتدفق علينا الدماء والأنات , وجعا نبثه بأصواتنا كأدوات تسجيل ولا من مجيب , أشلاؤنا المضرجة بالوجع مرمية في واد سحيق خلف لوائح حقوق الإنسان , ومظاهرات النسوة الأنيقات اللواتي ينادين بالجندر , وإقامة مراكز إيواء للمعنفات من قبل الأسرة والرجل , يبذلن ألاف الدولارات الممنوحة من " مانحين " على ندوات تعقد في الفنادق الفاخرة للتوعية بمفهوم " النوع الجنسي " يطالبن برفع التحفظ عن اتفاقية " سيداو "و بمنح المرأة حريتها ......... وحين نتحدث عن الطفلة مها والطفلة عبير والطفل محمد .... وطفلات أخريات .... وأطفال آخرين .... يدرن وجوههن بلا مبالاة , فليس لقصصنا حصة في أجندة الدورة ولا في أجندة جهة التمويل .... نحن الموثقون لسنا شياطين خرساء , ولا أحبارا غامقة فوق الورق الأبيض لا لسنا ألآت مسجلة فأية " دولة قانون " تعيد لنا ذواتنا التي تستنزف مع نزيف ضحايانا ..... ودماء بناتنا المهدورة اغتصابا ...... هل نقود مظاهرات احتجاج للمطالبة بحقوقنا ؟؟التي تتركز في شعار : كفى قتلا . كفى اغتصابا ...نريد أن نكتب عن الحب لا الاغتصاب , عن الحياة وليس عن القتل والتهجير , عن وطن حر محرر لا عن وطن مستباح بالاحتلال . التنويه الثاني : سمعنا كثيرا أن التحول الى الديمقراطية بالمبادرة الأمريكية التي اتخذت شكل الغزو والاحتلال ...... تستحق مليون ضحية أو مليونين بل سمعنا ترديد ما ردده هتلر من قبل ( أن قتل الثلثين يصح لبقاء الثلث ) من منح مبادرة و بوش في حمل " الديمقراطية " الى العراق حق اغتصاب مها !! فكيف ب( ثلثي الشعب في العراق ) ؟ من يمنح والديّ مها حق محاكمة بوش وإدارته بين البيت الأبيض في أمريكا وبين المنطقة الخضراء في العراق ؟ بل من يطالبنا بالسكوت عن الغضب مقابل المسامحة والتطبيع وتقبيل الأيادي ....فهل على مها التي لم تعد الى أهلها بعد ... " السلام " !!! وعلينا العواء ؟؟؟ التنويه الثالث : إن التأخر في توثيق حادث اغتصاب الطفلة مها عن موعد حدوثه جاء بسبب صعوبة الوصول الى أسرتها , وأمها تحديدا لتقص علينا ما جرى بالتفصيل الموجع حتى الانهيار . فاقرؤوا معنا قصة اغتصاب مها كما روتها والدتها :ـ في ظل " دولة " القانون والخطة الأمنية !!!! نروي الحادث على لسان أم مها ( و. ع . ا ) ونعتذر عن ذكر الأسماء احتراما لطلب ذويها , وهي محفوظة لدينا بكامل الهوية . تتكون أسرة مها من الأم ( و.ع. ا ) مواليد\ 1967 وهي ربة بيت والأب ( ر.ن ) مواليد 1967 كان صاحب محل صياغة قبل أن ينهب , وقبل الحادث المؤسف الذي أصاب كبرى بناته الذي أحاله الى رجل غير متوازن غيبه عن صحوته , يرفض مقابلة أي إنسان , يمتنع عن ممارسة دوره كأب أسرة وزوج ما لم تعد مها حتى لو بكفن ممزق ليدفنها ويهدأ شيء في نفسه . للزوجين سبعة بنات وصبيان الكبرى مها الشهيدة المخطوفة وهي من مواليد (1991 ) , و ( س ) أنثى من مواليد ( 1993 ) و ( ن ) أنثى من مواليد ( 1995 ) . و ( ي ) ذكر من مواليد ( 1998 ) , و ( س ) أنثى من مواليد ( 2000) , و ( ن) ذكر من مواليد ( 2002 ) , و( ا) أنثى من مواليد ( 2007 ) . كانت أسرة مها قد انتقلت من البصرة الى ديالى عام 2000 بحثا عن الرزق حسب أم مها , استقرت الأسرة في مقر سكناها الجديد حتى أوائل عام 2007 إذ أصابتها الفاجعة في وجودها فارتحلت نحو الضياع . السرقة أولا تتحدث أم مها , نمتنع عن وصفها وهي تروي لنا مأساة أسرتها , تنقط لنا الحروف أسى ودم ولوعة وحسرة وانكسار. تقول :ـ يوم 16ـ 12 ـ 2006 , تأخر زوجي عن عودته الى البيت , فقد كان مشغولا بمصيبته , فقد دخلت عصابة الى محله ظهر ذلك اليوم , هددته بالقتل , ثم شد رجال قساة عينيه ويديه , وانهالوا عليه ضربا , واخذوا منه مفاتيح الخزنة ( القاصة ) سرقوا كل ( الحلال ) الذهب والمال , وعندما رجع الى البيت , عاد بحالة مزرية , واخذ مثل المجنون يتنقل هنا وهناك يسأل عن العصابة علها ترد إليه " حلاله " كنت حينها حاملا بأصغر بناتي , وكنا نعيش قلق الوضع الأمني , وشعرنا إننا فقدنا كل شيء , المال والحلال ومصدر الرزق . صمت وبكاء وعويل : تماسكت أم مها وعادت تلقمنا الكلمات لنروي الحدث أمام الضمير العالمي , ولكن ليس للذين يختزلونه بكلمة واحدة : انه صراع مسلح !! ثم ليسوغوا بعدها ألاف قصص الاغتصاب التي تلخص عملية اغتصاب العراق حتى اللحظة السوداء : تتابع أم مها : بعد أسبوع , يوم 25 كانون الأول من عام 2006 تحديدا, وقرب الساعة الخامسة مساء ( اندفر الباب ) وتقصد ( اندفع بركلات ) دخل علينا شباب بعضهم بلباس اسود وملتحون ، وبعضهم بلباس عادي غير ملثمين , وعند الباب وقفت سيارة سوداء كبيرة ( لا تعرف نوعها ) داخلها مسلحون , وحول البيت مسلحون , أربع أو خمس مسلحين هم من هجموا الى داخل البيت , لم يكن زوجي موجودا , وكان يبحث عن حلاله , ليتنا اكتفينا بضياع الحلال وهربنا مباشرة ............. بكاء وعويل ..... وتتابع أم مها :ـ قالوا لنا انه مجرد تفتيش عن الأسلحة وبعض الاستفسارات , عزلوني مع مها داخل الديوانية ( غرفة الضيوف ) وتركوا الأطفال البقية في غرفة أخرى , سألونا عن مذهبنا , قلنا لهم إننا لسنا سنة ولا شيعة . قال احدهم :ـ انتم حلال لنا مالا وعرضا وحياة !!! ............. صمت ......... ونحيب تتماسك أم مها والدموع تغسل وجهها وهي تمسحها بفوطتها وتأخذ نفسا طويلا ثم تتابع :ـ سحبوا البنت من خلف ظهري ...... يريدون فضحنا , حاولت حماية طفلتي , ناشدتهم أن يقتلوني , أن يبعجوا بطني على أن لا يمسوا الصغيرة , يا ناس أنها طفلة , بنت 15 عاما , طفلة ما زالت تلعب , أي رعب الذي عاشته , أي رعب واجهته ........ ضربوني , وضعوا السلاح فوق رأسي ........ المشهد أمامي ............ ابنتي مغطاة بدمائها وهم يتناوبون عليها يا للعار أغمي عليّ ...... لم اعد اسمع صراخ صراخ طفلتي ولا صراخ أطفالي في الغرفة الأخرى .......... عندما صحوت ....... كانت الطفلة فاقدة الوعي , حملوها بدمائها . وأخذوها معهم ...... تتوقف أم مها عن الكلام , ثم تعلق :ـ لا جار فتح الباب ......... لا احد حاول إنقاذنا ....أين حق الجار ؟ غرقت بدمائي , كنت أنزف بشدة , ربك يكتب لي أن أعيش( بهاي) بهذه الدنيا اللئيمة ويكتب لغيري الموت .............. تفاجأ زوجي عندما وجد الباب مفتوحا على مصراعيه , ليس من عادة باب بيتنا أن يشرع على العراء , أغمي على زوجي , فقد صوابه , اخذ يضحك ويبكي (منين يجيبها) من حلاله أو من عرضه !! كانوا هددونا أن لا نبلغ الشرطة , لكنه توجه الى مركز الشرطة ببعقوبة يشكو أمرنا , سألوه بكل برود :ـ هل تملك دليلا !! صرخ في وجوههم اسألوا الناس , الجيران . الكل سيحدثكم عما أصابنا , قالوا له :ـ (روح بابا روح). الطفلة مها ذات الخمسة عشرة عاما اختفت بمجرد أن انتهى عرس اغتصابها الوحشي , لا اثر لها ولا خبر , أعطتنا الأم صورتها , وهي بحوزتنا وليتنا لم نرها, يا لجرح الموَثِق . والأب اليوم يقبع في ركن من البيت , فارغ من الأثاث , يأويه وأسرته , لا يتكلم مع احد , لا يقترب من زوجته ,يضرب أبناءه بدون سبب لاسيما البنات . يصرخ بين الحين والآخر , أريد مها ........... أين مها . ملاحظة : الأسرة تعيش على الصدقات وبعض المساعدات , غارقة بمشاعر الذل , والفاقة والحاجة والرغبة في الموت
WWA statement on Ramadhan: We will break oue fasr when we restore our dignity
في رمضان الكريم أبى العراقي الشهم الشريف إلا أن يفطر على خبزه مغمسا بالكرامة . . . وهكذا كان له فهل يفقه الظالمون ؟ ؟منذ اللحظة الأولى للغزو , صاغ العراقيون المعادلة : مقاومة على قاعدة الكرامة , صاموا ولم يجوعوا , وفطورهم كان : خبزهم المغمس بالكرامة فهل يفقه المعتدون ؟ ؟ وبينما تعصف بأمريكا أزمة اقتصادية دورية تتلازم في الجوهر ببنية الرأسمال المرابي الذي يتحكم بعمرها الزمني والتاريخي , يخطف رجل عراقي كريم سلاح الغاصب ويوجهه نحو قلبه وقد تطاول على حدود امرأته . . . . وما ترمز له المرأة في القيم العربية الإسلامية . وفطر الكريم العراقي في المدائن على وجبة الكرامة , مغتسلا بدماء الشهادة , لكن العدو لم يفقه . . . . هي ذي المعادلة العصية على حواسيبهم وعقول مفكريهم الاستراتيجيين : إنها المقاومة على قاعدة الكرامة ! ! ! خمس سنوات ونصف . . . . ومازال العدو لا يفقه.إنها إرادة النصر : لا نفطر إلا على خبزنا المغمس بالكرامة . والمرأة في العراق . . . . وكل الوطن المستباح هي القيمة العليا للشرف والكرامة والحرية والعدل والسلام والعطاء. ليلة القدر27 /9 / 2008
المصــدر:هيئة إرادة المرأة في العراق الأسير2008-10-02
10 Aug 2008
هل هناك انتحاريّات عراقيّـات حقّاً؟
وقد يبدو للوهلة الأولى أن إجماع أجهزة الإعلام على نقل الخبر يؤكد صحة الواقعة، لكنّ تفحص المصادر وطبيعة العمل الإعلامي وكيفية نقله لما يجري في العراق المحتل، يثبت عكس ذلك تماماً. وكان أكثرها وضوحاً الأكاذيب الصارخة التي روّجت بشأن قيام نساء بتفجيرات سوق الغزل وديالى في العام الحالي.
ولنبدأ بالتساؤل عن مصادر أخبار التفجيرات التي يعزى بعضها إلى «الانتحاريات»، وخاصة في غياب وجود شهود عيان وانعدام إجراء تحقيق في الحوادث وجاهزية إلقاء المسؤولية بلا تمحيص.
هناك مصدران رئيسيان يُستند إليهما. الأول هو الناطق باسم قوات الاحتلال، والثاني هو مصدر من الشرطة العراقية. والاثنان لا يعوّل على مصداقيتهما لأسباب عديدة. فتصريحات قوات الاحتلال هي جزء لا يتجزأ من العمليات العسكرية المتداخلة مع المهمات الاستخباراتية والإعلامية، أو ما يطلق عليه في كتيّبات الإرشاد الميداني للجيش الأميركي اسم «عملية المعلومات ضمن حملة مكافحة التمرّد في البلد المضيف». وغالباً ما يغيّر الناطق الرسمي مسؤولية التفجيرات حسب مصالح الاحتلال، متهماً من تراه القوات العدوّ المرحلي، لتستفيد من اتهامه ضمن سياق عملياتها العسكرية المستهدفة إحكام السيطرة على العراق وتمرير مخططات الإدارة الأميركية في الهيمنة الاقتصادية. فقد وُجّه الاتهام، في العامين الأوليين من الاحتلال، بشأن التفجيرات في الأسواق والأماكن المزدحمة إلى «الإرهابيين الصداميين وفلول البعث»، وتغيّرت الصورة عندما نشطت المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، ونشأت الحاجة الماسّة إلى تفرقة صفوف أبناء الشعب، فبات المتّهم الذي يقدمه الناطق العسكري الأميركي على صحن ذهبي إلى أجهزة الإعلام إمّا «سنياً في منطقة يقطنها الشيعة»، أو «شيعياً في منطقة يقطنها السنّة»، فضلاً عن تهمة «إرهابيي القاعدة والمقاتلين الأجانب» الجاهزة أبداً.
ويمثّل توجيه التهمة إلى «الانتحاريات» آخر صرعة تلقفتها أجهزة الإعلام لتضخّّها بالحياة وتضخّمها.
أمّا مصداقية الشرطة العراقية كمصدر للأخبار فمثيرة للضحك المبكي في تضاربها وتناقضها. إذ غالباً ما يكون المصدر محكوماً بإصدار التصريح بعد صدور التصريح العسكري الأميركي.
والملاحظ من خلال متابعة نقل أخبار التفجيرات والكشف عن هوية مرتكبيها، أن أجهزة الإعلام، حتى العريقة منها، نادراً ما تورد تقارير مكتوبة من مراسليها وبعد إجراء التحقيق المتبع عادة للتأكد من مصداقية الخبر وصحّته. بل هي تعتمد على تصريحات القيادة العسكرية الأميركية وتابعها العراقي، فضلاً عن استنساخها الخبر من الوكالات المستندة أساساً إلى الاحتلال والشرطة العراقية.
وهنا يُطرَح السؤال: ما هو سبب التفجيرات، حسب المصادر، ومن هم مرتكبوها؟ إنّ العراقيّين مقتنعون أكثر من أي وقت مضى بأنّ الاحتلال يستهدف أي مكان لوجودهم سوية، إذ يراه مجالاً لتفاعل الناس الطبيعي، وللوحدة الشعبية، وغطاءً لتحركات المقاومة العراقية، وتنسيقاً لجهود التكافل الاجتماعي كجمع التبرعات لعوائل الشهداء وتوزيعها بوجود شهود.
فالأسواق ليس فيها طائفية أو عرقية أو مناطقية، وهي البوتقة التي تنصهر فيها المكوّنات والثقافات وتنبثق منها الخيارات الوطنية. ويسري الشيء نفسه على الاحتفالات الدينية. وهذا هو المفتاح لمعرفة من المستفيد من تفجير الأسواق والاحتفالات، ومن يسعى عبر مرتزقته وأمواله لإجبار العراقيين على الانزواء خلف جدران المحلة والطائفة والإثنية عبر تفجيرهم أولاً، ثم إلقاء المسؤولية عليهم ثانياً.
ومن الضروري التذكير بدءاً، بأن قوات الاحتلال غالباً ما تهيّئ الأجواء والأذهان إعلامياً قبل حدوث مثل هذه العمليات. فقبل أيام من عملية الكاظمية مثلاً، حذر «قادة الجيش الأميركي من أنه على الرغم من تحسن الوضع الأمني، إلا أن منفذي الهجمات الانتحارية بسترات ناسفة ما زال بمقدورهم التسلل بين الحشود في الأماكن المكتظة بالناس. ونفذت النساء أكثر من 20 هجوماً انتحارياً في العام الحالي» حسب قناة «العربية».
وبعد تهيئة الأذهان لقبول حتمية الانفجارات، ليتقبل الناس وجود قوات الاحتلال كضرورة لتوفير الأمن وحماية الناس من «العمليات الانتحارية»، يشير إصبع الاتهام إلى الجهة المسؤولة وهي الانتحاريات المرتبطات بـ«القاعدة»، حيث تخبرنا صحيفة «الحياة»: «يحذر سياسيون من إسهام هذا التكتيك النسائي الفتاك في عودة نشاطات تنظيم القاعدة الهادفة لإحياء النعرات الطائفية».
أمّا عن هوية مرتكبي التفجيرات، فتخبرنا «العربية» في تقرير لها، حرصت فيه أشدّ الحرص على التصنيف الطائفي لكل مواطن عراقي وكل مناسبة وكل شارع وشجرة، بأن «الهجمات ضد الزوار الشيعة تحمل علامات تنظيم القاعدة السنّي».
ويبدو أنّ تحميل «القاعدة» مسؤولية تدريب الانتحاريات ليس كافياً بالنسبة إلى كلمة التحرير في صحيفة «الصباح»، فقدمت إلينا مرتكبي التفجيرات كخلطة من «ديدن بقايا نظام صدام وبرامجهم الانتقامية التي تلتقي مع شذاذ الأرض من الإرهابيين القتلة... عصابات أعداء الديموقراطية والكارهين لاستقرار الأمن ونجاح العملية السياسية».
ويبقى السؤال المهم: لماذا النساء؟ إن التبرير الذي قدمته شعبة الدعاية والإعلام في جيش الاحتلال، وتلقفته أجهزة الإعلام بلا تمحيص، وبُنيَ عليه تكوين صورة نمطية مستنسخة هو «أن تنظيم القاعدة يستخدم بشكل متزايد النساء في شن هجمات، إذ يمكنهن إخفاء المتفجرات تحت ملابسهن السوداء الفضفاضة دون أن يخضعن لتفتيش من حراس الأمن الرجال». هذا التبرير هو جزء من حملة التضليل الإعلامي لتشويه صورة المقاومة العراقية والنساء اللواتي يمثّلن الحاضنة الاجتماعية لها لأسباب عديدة: أولها لأن من المعروف أن المقاومة العراقية تحمي النساء والأطفال، فصار ضرورياً اتهامها بأنها «عصابة مجرمين جبناء غير قادرين على القتال فيستغلون ضعف النساء»، بحسب تصريح الناطق العسكري الأميركي، وأنها تستخدم النساء في أعمال إرهابية وتحميلهن مسؤولية التفجيرات في الأماكن المزدحمة وقتل الأبرياء من النساء والأطفال. ثم لتحويل الأنظار عن المستفيد الأول من التفجيرات، وهو المحتل ومرتزقته وشركات حمايته الخاصة، ونفي المسؤولية عن حكومة الميليشيات وتبرير عدم حمايتها المواطنين أو القيام بأي تحقيق يؤدي إلى كشف الحقيقة وإعلانها. فالتفجير الانتحاري هو الفعل الملائم لحكومة المنطقة الخضراء لتحتمي وراءه من المساءلة والعقاب. كما أنه الفعل الملائم لتحويل الأنظار عما ترتكبه قوات الاحتلال وحكومة الميليشيات من جرائم ضد المرأة العراقية، وخاصة اعتقال النساء واحتجازهن رهائن لحين تسليم الأقارب من الذكور أنفسهم، وذلك حسب تقارير المنظمات العالمية مثل منظمة العفو الدولية. فصار مبرراً الآن اعتقال النساء ومداهمة البيوت بعد منتصف الليل، وقصف البيوت وقتل من فيها من نساء، لأنهن «انتحاريات يستهدفن الأبرياء».
وتجدر الإشارة إلى أن ما يزيد على نصف التفجيرات التي أعلن عن تنفيذها من جانب انتحاريات قد تم التراجع عنها بعد مرور فترة قصيرة، وبعد أن رسخت أجهزة الإعلام فكرة الانتحاريات في أذهان الناس. إذ قال رئيس مجلس محافظة ديالى إن التفجير الذي وقع وسط سوق شعبية في مدينة بعقوبة، يوم 7 تموز هذا العام، نجم عن عبوة ناسفة زرعها مجهولون، وليس جراء تفجير امرأة نفسها بحزام ناسف، كما تردد من قبل.
وقد توصل الصحافي العراقي وليد الزبيدي في تحليله للأخبار المتعلقة بالأعمال الانتحارية، إلى خلاصة أوافقه عليها وهي: «إن القراءة المهنية والموضوعية لجميع التفجيرات الغامضة التي استهدفت الأبرياء، تؤكد أن هناك تعمداً وقصدية لقتل هؤلاء، وبدون أدنى شك أن قوات الاحتلال ومن يعمل في خدمتها ويسعى لتنفيذ مشروعها، هم الذين يقفون وراء قتل هؤلاء العراقيين، وبهذه الطرق الإجرامية».
*